الأحد، 15 نوفمبر 2009

المؤتمر الثامن لجمعية دراسة ذروة النفط و الغاز (ASPO-8)



- و يا له من مؤتمر -
دنفر- الولايات المتحدة - 2009

جمعية دراسة ذروة النفط و الغاز العالمية هي جمعية علمية غير ربحية تشكلت نواتها الأولى من بضع علماء من مختلف دول العالم في عام 2002 و في نفس هذا العام عقدوا أول مؤتمر لهم في السويد في مدينة ( أبسلا ) الجامعية . كان رغم برودة الجو في السويد مؤتمرا ساخنا حضى باهتمام واسع من قبل الأعلام. و منذ ذلك الحين أصبح للجمعية فروعا في العديد من دول العالم منها الفرع الكويتي الذي تشكل في 2008 . و في دنفر الولايات المتحدة الأمريكية عقد المؤتمر الثامن للجمعية بحضور متميز من أقطاب الجمعية و من علماء و مفكرين في هذا المجال من مختلف دول العالم عدا الدول العربية التي مثلها فقط فرع الكويت.
تكلم في الافتتاحية رئيس الجمعية و احد مؤسسيها الدكتور شل الكاليت من السويد و رجع بشغف الى ايام التشكيل الأولي و كيف إن الجمعية توسعت إلى فروع عديدة في العالم و قد وضح على الخريطة كيف انه اصبح هناك فرع في الكويت مؤخرا. كما تكلم من ناحية علمية معرفا ذروة البترول على أنها وصول الأنتاج النفطي العالمي الى أعلى مستوي له يبدأ بعدها بالانخفاض بنسبة تتراوح بين 4 و 6 % سنويا و كيف أن الجمعية أصبحت رسالتها توعية المجتمعات إلى أهمية الاستعداد لهذه الظاهرة و كذلك استخدام النماذج العلمية الهندسية في حساب و تقدير موعد الذروة لما لها من أهمية. و الغريب في هذا الأمر أن الجمعية بدأت في 2002 حساب نموذجي لعام الذروة على أنه 2010 و لكن عند تحديث الحسابات في كل سنة أصبحت سنة الذروة المعلنة في المؤتمر هي عام 2008 و بالتحديد في شهر يوليو. من الناحية الأقتصادية فإن لهذا الأمر تبعات كبيرة حيث إن الاقتصاد العالمي مبني بالأساس على النمو المستمر و بما أن النفط هو اساس الطاقة و اساس النمو فإن تعذر النمو بالإنتاج بعد عام الذروة يعني باختصار تعذر النمو الأقتصادي و انكسار الحلقة الاقتصادية كما بدا واضحا في الأزمة الأقتصادية 2008 . الكثير من المراقبين في سياق علوم ذروة النفط من المتحدثين في المؤتمر يرون أن أزمة 2008 هي أول الأزمات الاقتصادية التي كانت ذروة النفط سببا لها.
من المتحدثين في المؤتمر كذلك كان ماثيو سيمينز الذي اهتم بالموضوع من منطلق كونه صاحب بنك استثماري في المجال النفطي و هو صاحب الكتاب الشهير الغروب في الصحراء twilight in the desert الذي صدر في 2005 و قال في كلمته ان الأمور منذ صدور كتابه و حتى الآن قد صارت أسوأ مع الأسف. كما تواجد روبرت هيرش صاحب تقرير هيرش الشهير الذي قدمه لحكومة الولايات المتحدة و ذكر فيه انه لابد ان نبدأ للأعداد لهذه الظاهرة 20 سنة على الأقل قبل سنة الذروة حتى يتسنى لنا فترة انتقالية بدون مشاكل. و قال أن الظاهرة ستكون حادة و تؤدي الى كسادات اقتصادية و هلع في البورصات العالمية و انه ليس هناك حلول سهلة فنحن لا نستطيع أن نطبع النفط كما هو سهل طباعة النقود . ألتعبير الذي استخدمه متحدث آخر هو " ان هذه الظاهرة الكبيرة ستحدث و سوف توقظ الناس " و آخر قال " ان هذه الظاهرة بحد ذاتها ستكون هي اهم شئ يشكل المستقبل ".
الملفت للانتباه ان المهتمين بذروة النفط و تبعاتها كانوا من تخصصات مختلفة حيث ان النفط كطاقة اساسية يمس جميع أوجه الحياة بلا استثناء. و ابرز المتحدثين المشهورين الذين يعكسون هذه الحقيقة هو ريتشارد هانيدبيرغ حيث أن تخصصه الأساسي هو العزف على الكمان و مع ذلك علم نفسه و اهتم بالموضوع و ألف أربعة كتب في هذا الموضوع اثنان منها مترجمة الى العربية منها كتاب ( الحفلة انتهت ). يقول هايندبرغ ان ذروة التصدير النفطي بلغناها في 2005 و اننا الآن وصلنا الى نهاية اساسية للنمو و هي ذروة النفط و ندخل الآن الى عهد اقتصادي جديد. و بالفعل اكثر من متحدث آخر قد اقروا علميا أن الناتج القومي للدول يتناسب طرديا مع حجم الانتاج النفطي.
و كاستنتاجات من المؤتمر: فإن أقل سعر مناسب حاليا للبرميل هو 100 دولار حتى يكون من المثمر الأستثمار في آبار النفط الصعبة كآبار النفط العميقة في آعالي البحار مثلا. و كذلك فإنه من المتوقع ان سعر النفط سيأخذ في التزايد ببطء حتى يصل الي سقف يشكل عبئا ثقيلا على الاقتصاد مسببا جولة جديدة من الكساد المرتبط بالذروة و هكذا في تموج لا يستطيع احد ان يتنبأ بحجمه طولا أو عرضا. لابد أن يغير الناس من اسلوب حياتهم من حيث استخدام الطاقات البديلة و استخدام نموذج اقتصادي مختلف و حياة بشكل عام جديدة تتوافق مع حياة ما بعد الذروة لأنه باختصار اذا اراد الناس الاستمرار بهذا البذخ و الترف المعيشي فإن النفط المنتج في عام 2050 سوف يكون كافيا فقط لثلاثة بلايين نسمة.
في النهاية على أن اقول أن جمعية دراسة ذروة النفط تقوم بدور فعال في تنبيه الناس و حثهم على الاستعداد الفعلى لعالم جديد و لابد أن يكون لنا دور أكثر فاعلية في العالم العربي و الخليج بشكل خاص في متابعة فعاليات هذه الدراسات و الإلمام بتبعاتها و تخطيط استراتيجية دولنا على اساسها .


بقلم : المهندس أحمد الماجد
ماجستير ادارة أعمال

هناك تعليق واحد: